نص عقد مع وزارة السياحة تقوم بموجبه مجموعة قاطرجي باستثمار أرض المشفى العسكري في حلب لمدة خمسين عامًا بشروطٍ مخزية
في عام 2018، عرضت وزارة السياحة السورية فرصة استثمارية على أرض المشفى العسكري في حلب بالتشارك معها للمهتمين بإقامة "مجمع سياحي متكامل ومتعدد الاستخدامات سياحيا كفندق من سوية 5 نجوم، مركز مؤتمرات، مطاعم متنوعة من سوية 4-5 نجوم، شقق فندقية، إضافة لاستخدامات علاجية، ترفيهية، ثقافية، تجارية، رياضية، بيئية ويوفر الموقع مناخ بيئي صيفي جذاب من خلال المناطق الخضراء والحدائق والمساحات المفتوحة إضافة إلى وجود مواقف سيارات بمعايير عالمية."
في العام التالي، كررت وزارة السياحة دعوتها "لإشادة مجمع سياحي يضم فندق أو أكثر من سوية خمس نجوم بسعةٍ إيوائية لا تقل عن 600 سرير فندقي ومركز مؤتمرات بمساحة طابقية لا تقل عن 2500 متر مربع تضم عدة قاعات للمؤتمرات وبسعة لا تقل عن 400 شخص، ومطاعم متنوعة بسوية (4-5) نجوم وصالة متعددة الاستعمالات، وشقق فندقية قابلة للإفراز، ومركز تجاري (يحوي خدمات مراكز التسوق السياحي كصالات السينما وعدد من مطاعم الوجبات السريعة وألعاب الأطفال وصالات العرض) إضافةً إلى المحال التجارية المتنوّعة و صالات متعددة الاستعمالات مع مكاتب لرجال وروّاد الأعمال تتسع لأعداد مختلفة."
توضح الوثيقة التي حصلتُ عليها اليوم والموجودة في آخر هذا التعليق المقتضب أن مجموعة قاطرجي كانت قد حصلت على العقد في عام 2020 ولكن لم يتم إشهار ذلك للعامة. نص العقد يبين أن مجموعة قاطرجي قامت بتأسيس شركة إسمها "بيريه حلب" لتقوم بالشراكة مع وزارة السياحة بإدارة المشروع.
أقل ما يمكن وصف العقد به بأنه مخزٍ، حيث تم تقييم الأرض التي سيتم بناء المجمعات عليها ب360 مليون ليرة سورية (حوالي 100 ألف دولار)، علمًا بأن مساحتها 74,000 متر مربع وهي تقع في أحد أكثر أحياء حلب غلاءً (المنطقة بين الشهباء الجديدة وحلب الجديدة).
لم أفهم ما إذا شمل العقد ما هو مبني أصلًا على أرض المشفى العسكري حاليًا حيث أن مساحة أرض المشفى ككل هي تقريبًا 78,515 متر مربع (بما في ذلك المستشفى الحالي والمباني الأخرى)، بينما تبدو المساحة المتوقعة لمشروع قاطرجي أنها 74,000 متر مربع. أعتقد أن قرار المجلس الأعلى للسياحة رقم 456 (15/7/2020) فيه الإجابة عن هذا السؤال غير أنني لم أستطع الحصول على نسخة منه.
لتوضيح بخاسة السعر المحدد للأرض، يبين هذا الإعلان على موقع إحدى السماسرة العقاريين في حلب أن شقة للبيع في "منطقة الشهباء جمعية المهندسين طابق ثاني زاوية 5 غرف إشراف مفتوح على حديقة ... شمالي غربي بحالة جيدة" معروضة للبيع حاليًا بسعر 650 مليون ليرة (أي تقريبًا ضعفي سعر الأرض التي حصل على استثمارها آل قاطرجي والتي تتجاوزها مساحةً بمئات الأضعاف).
المبلغ الإجمالي الذي يتوجب على مجموعة قاطرجي دفعه لتحصل على حصة 64% في المشروع هو حوالي 200 ألف دولار فقط مدفوعة على ثلاث سنوات.
بغض النظر عن القيمة المعلنة والهزلية للعقد، فإن تكلفة بناء المجمعات الحقيقية تتجاوز ما هو معلن بمئات الأضعاف مما يدفعني للاعتقاد بأن العقد لا يعدو كونه صك وضع يد من قبل قاطرجي لحين تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد في مرحلة ما خلال الخمسين سنة المقبلة من مدة العقد. يؤكد ذلك الرأي أن العقد يسمح لمجموعة قاطرجي بيع 49% من حصتها لمساهمين آخرين وهو ما قد يتم بأضعاف المبلغ المدفوع حاليًا.
بالمقابل، لا أستبعد أن ما دفعه آل قاطرجي مقابل العقد هو في الواقع أكثر مما هو معلن. حيث يتم دفع الفتات لوزارة السياحة ودفع مبلغ آخر لبشار الأسد لدعمه ماليًا مما يتيح للأخير حرية أكبر في التصرف في المبلغ.